الثلاثاء، أغسطس ٢٩، ٢٠٠٦

الثور - الجزء الأول



أتذكر يوم إلتقينا قبل خمس سنوات بالتحديد ... أتذكر كيف تلاقت أعيننا كل في سيارته عند الإشارة الحمراء و أبيت إلا أن تودع إبتسامتك في خزائن عقلي
أتذكر كيف ظللت تتبعني أينما ذهبت تسعة شهور ... كلما خرجت من منزلي في الصباح أجدك ... صدفة ... ماراً أمام منزلي لتقوم بتوصيلي بطريقتك الخاصة إلى كليتي
أتذكر أول مرة تكلمنا فيها بعد طول إنتظار منك و ... مني. أوقفتني وانا ماشية لمحاضرتي الأولى ذلك الصباح. كانت الساعة التاسعة صباحاً يوم الثلاثاء بتاريخ 24/10/2001 ... يا ترى هل أحرجك أنني لازلت أقدس هذا اليوم وأحفظ تاريخه وساعته! هل تعلم أني لسنوات كنت أحتفل مع نفسي بهذا اليوم لأنه كان بداية لأسعد أيام حياتي ولم أعرف أنه سوف يكون بداية لأشقى أيام حياتي أيضاً

أوقفتني ذلك اليوم وأنت مرتبك لكن كان فيك من الجرأة أربكتني وأنا التي قد تدربت على هذه اللحظة مرات ومرات مع صديقتي إيمان ... تعرفها بلا شك ... ربما أكثر من اللازم! مسكتني من يدي وقلت ... ممكن كلمة لو سمحتي ... جنونك أربكني ولم أرد بغير نظرة نعم ... كان ملمس يدك وهو يلمس يدي أثار فيني كل العواطف التي لم أعرف أنها خُلقت فيني ... فكيف لي أن أعرف أن لمستك أنت تثير جلد رقبتي وتُسري قشعريرة لذيذة في أنحاء جسدي وأحس بطعم شبق في فمي ... لم يصف لي أحداً هذا من قبل. لم تقل لي صديقاتي عن هذا! بل إيمان ضحكت عليّ وقالت أنه لايوجد طعم شبق في الفم ... و أذكر أنني قلت لها يومها قد لا يكون طعم الشبق في فمي ... لا يهم ... المهم أن يكون أحس بنفس الطعم في فمه

أربع كلمات بدأت بها حديثك معي ... ممكن كلمة لو سمحتي ... أربع كلمات غيرتني إلى الأبد ... فلم أعد بتلك الفتاة البريئة التي لم تفكر حتى أو تجرؤ بالحديث مع شاب أصبحت معك حبيبة و صديقة وعاشقة ومعشوقة. أنت مدرسة تخرج متفوقين بالعشق ... أنت شوبان في سيمفونياته ... أنت مونيه في لوحاته ... أنت مملكة تنتج ألذ أنواع الحب ... أنت ... آه كم أكره كم أحببتك

أتذكر عندما جئت لطلب يدي من والدي ... وكيف عاملك ببعض العنف حينها ... لم يكن يفعل ما يفعل وقتها كرها بك ولكن كان يريد أن يحميني لم أعرف من ماذا حينها وعرفت لاحقاً بعد فوات الأوان
لم يغير معاملته كثيراً معك عندما جئت بوالدك صاحب الحضوة فليس بوالدي من يتنازل عن مبادئه أمام أحد فقط لكونه من كبار البلد ... فالأمر عنده سيان ... دائماً ما يقول أنهم هم من يخرب البلد ويسرقها ويقوّد عليها أمام الملأ ... لم يكن يحبك يا عزيزي

أتذكر كيف كنت في أيام الخطبة لا تقوى على فراقي ... كنت كنت تود لو أنك تراني في أي لحظة وكل لحظة في اليوم ... قلت لك سوف تمل مني وترد أنه لا يمكن أن يأتي هذا اليوم لأنك سوف تحبني طول العمر وزيادة ... ولا أعرف ماذا كنت تقصد بالزيادة

أذكر خروجنا إلى المطاعم الشهيرة كل ليلة وكيف كنت تحرص أن تسألني عن طلبي قبل كل شيئ وتتأكد من أن طبقي يعجبني ... بل تقوم بطلب طبق آخر لمجرد أن تلمح نظرة مني تشك فيها بجودة طعامي ... كنت دائماً تحاول أن تمسك يدي أمام كل الناس من غير خجل ولم أمانع فنظرات الغيرة التي تتبعنا كانت كفيلة بإرشادي نحوك ... هل تذكر كيف كنت تلمس بأصابع قدمك ساقي من تحت طاولة المطعم ... وكنت تهمس لي عن نعومة بشرتي وكم كنت تتوق للصعود بأصابع قدمك، ويدك إن أمكن، إلى أعلى نقطة ممكنة في الرجلين قبل أن يلتحما بالنقطة تلك
لم أقل لك وقتها ماذا كانت تفعل لمساتك بجسدي حينها... لم أقل لك كيف كانت لمستك تشد جسدي وتجعل كل قطرة من دمي تتجه نحو نهدي وحلماتي والنقطة تلك ... ألم تلاحظ كيف كنت أرتعش كلما فعلت ذلك و أتحجج ببرودة يناير الشتوية ... أظنك كنت تعرف لهذا لم تتوقف إلا عندما تحس أنني سوف أصل إلى نقطة الا عودة فتفعل ما سوف تفعله لاحقاً مرات ومرات ... تقف وتنسحب من جسدي

يوم الزفاف أتى بسرعة ... ربما أسرع من اللازم. أذكر كم كنت وسيماً يومها وكيف طبعت قبلتك على جبيني أمام كل الناس وهمست لي أنه لولا هؤلاء لكان مكانها شفتي ... قلت لك وقتها أنها ليلتنا لنفعل ما نريد بطريقتنا ... قلت لي أن أمامنا العمر كله وغمزت بعينك لتعرفني بأنك قصدت تلك الليلة فقط ... ولم أفهم تلك الغمزة إلا بعد سنين
وعندما رقصنا رقصة الشرف وسط تصفيق الحضور وغبطة المحبين وحسد الكارهين ... بدوت لي كأنك قمر السماء ... لم أعرف حينها لبنت مثلي أن تحصل على رجل مثلك ... ولربما هذا ما أكتشفته أنت بنفسك لاحقاً

كنت واثقاً من نفسك تلك الليلة بعد أن أوصلنا الجميع إلى جناحنا الفاخر في الدور الثالث والثلاثون في الفندق ... كان منظر المدينة خالباً للألباب وكأن الرب شاء أن يشاركنا فرحنا بسماء ملئها بالنجوم
دخلت الحمام لتأخذ دوش سريع وخرجت لي بذاك السروال الحرير الأزرق فقط ... وصدرك العاري المقتسم الحدود تبرز منه مقاطع وعضلات جعلتني أود لو أني مزقت ملابسي بيدي لأكون عارية بين يديك ... كانت نظرتك ترمقني بشبق وأقسم أني رأيتك ترطب شفاك بلسانك كما يرطب الأسد فمه قبل إفتراس الفريسة ... الفرق الوحيد أنني لم أمانع إفتراسك لي ... فشفتاي كانتا متشوقين لشفتيك وصدرك وكل ما فيك ... ونهداي كانا بأمس الحاجة لك ... يقسمان بإسمك ويودان لو أنك لم تبخل عليهما بالكثير من اللمس والهمس وما بينهما ... أتذكر ذلك اللباس الشفاف الذي أبتعته خصيصاً لتلك الليلة ولم أكد أضعه حتى كان على الأرض ... أتذكر لونه؟ طبعاً لن تذكر أي شيئ ... كان لونه أزرق كما أتفقنا قبلها أن نتمازج بالألوان لأننا واحد
وعندما إلتحمنا بقبلة بدأت بشفة ثم لسان ثم مص لسان ورقبة وأذن وكل مكان ... وكيف كانت يدك تدرب جسدي على الإنصياع لها ... كنت أحس أحس إنك لن تستمر كثيراً قبل الإنفجار ولكنك لم تخيب ظني يومها فلم يصبح لنا صباح حتى كان كل منا قد أعطى الكثير وأخذ الالكثير ... وضحكنا كثيراً ما بين وبين ونحن نفكر فيمن أوقعه القدر السيئ في الجناح الملاصق لنا لأنه لايمكن قد يكون قد إستمتع بنوم هادئ.
كانت إبتسامتي ذاك الصباح تدل على أن صاحبها قد أفرط في الوصول إلى الرغبة الكامنة ... وهل هذا بالشيئ المعيب؟ لا أظن ذلك فأنا أصبحت اليوم زوجة ولربما بعد تلك الليلة العظيمة ... أماً عما قريب
ولم تنسى أن تحتفظ بشيئ لأمك لتريها أنك أحسنت الإختيار وإنني لست بتلك الفتاة ذات التجارب ... كم أمقت أمك

أتذكر كيف كنت تسألني وأنت تشاهد مقاطع الزفاف على الفيديو أو ألبوم الصور عن صديقاتي واحدة واحدة ... وكنت تلح على معرفة أدق التفاصيل عن الجميلات منهم بالذات ... نوال .. شروق .. وفاء .. إيمان ... قلت لك وقتها لماذا تريد معرفة كل هذا عن صديقاتي فثرت في وجهي وإتهمتني بعدم الوثوق بك وأتخذت من كونك الرجل الشرقي الذي يجب أن يعرف كل شيئ عن زوجته ذريعة ... ولم تتذكر أنني وضعت كل حياتي ككتاب مفتوح بين يديك ... ولكن كان لديك هدف آخر اليس كذلك ... ما أغباني

لماذا لم أفكر بسبب وجودك في البيت عند حضور إيمان لزيارتي لمباركة الزفاف؟ كنت تخرج كل يوم ومنذ ثاني أيام الزفاف لأي سبب ولا تعود لساعات طوال ... لم تكن مجرد موجوداً يومها بل حرصت أن تكون في الإستقبال مرتدياً تلك الثياب التي تبرز عضلات صدرك ... ولم تنسى أن تكون ذقنك حليقة فور أن علمت بمن ينوي الزيارة تلك العصرية.
لم أرتب بشيئ ولم ترتب هي أيضاً لوجودك معنا ... بل ولربما سعدت بوجودك فلطالما حدثتها عنك وكانت تسرح فيما أقول ولا تنسى أن تعلق بين الحين والحين عن مدى حظوظي في الإيقاع بأحد مثلك ... لم تصدق أنك أنت من أوقع بي في شباكه ... لماذا أدفع ثمن وسامتك وأصالتك؟ أليس للفقير حظ في أن يكون الآسر يوماً بدلاً أن يكون الأسير كل يوم! لن أقول لك إن شرفي يضاهي أصلك ووسامتك وغناك بأضعاف لأنني فقدت هذا أيضاً

أتعرف لماذا فقدته؟ لن أقول لك لماذا بل سأقول لك متى ... عندما تركت كل نساء الأرض وقررت أن يكون قدري عندك هو ... إيمان في سريري ... لربما أنت مصدوم الآن ... لم تكن تدري أنني أعرف أي شيئ ... فكر ثانية يا حبيبي ... أتذكر عندما كنت حامل في الشهور الأولى وكنت متوعكة كل يوم تقريباً حتى أنتهى أمري كما تعلم في المستشفى لأيام وأسابيع ... مالم تعلمه أنني رجعت البيت ذات يوم بعد أن سمح لي الطبيب المناوب بالخروج لبضع ساعات ... لم أشأ أن ازعجك بل وددت مفاجأتك ... كنت قد سألت الطبيب حينها عن خطورة الجماع فلم يبدي أي إعتراض ولهذا رغبت أكثر بمفاجأتك ... تخيلتك نائماً في السرير وأنت تلبس اللباس الداخلي الحرير ... تخيلت نفسي أدخل السرير بهدوء بعد أن أكون قد تعريت من كل شيئ وأغوص الى الأسفل وأنزع عنك الحرير لأذوق ما تحته فقد أشتهيتك وأشتهيته الآن أكثر من كل شيئ ... كنت أريدك في داخلي ... تفرغ كل شحنة سالبة في جسدي ... حتى تجعلني أنسى من أنا ... لربما للحظات لكنني كنت بحاجة إلى أي منها

ولكن خمن ماذا رأيت؟

إيمان صديقة الطفولة منكبة على وجهها في سريري وأنت كالثور الهائج فوقها تخور وهي تئن بأنين الإستمتاع ... لا أدري ما علاقة برجك الثور بشكلك حينها ... فهل الاشكال على أبراجها تقع؟ ... أرى إنك لم تنسى أن تضع بعض الموسيقى الهادئة والتي لا يتناسب جوها مع ما رأيت ... أهذا ما تريد؟ زوجة بالنهار وعاهر بالليل ؟ أم تريدها عاهر في الليل والنهار وخادمة أيضاً ... ولم لا فالشرع معك والتقاليد معك والكل معك ... أما أنا فعاهر عند زوجي يعاشرني ... يضاجعني ... يغتصبني ... يخرج مافي جعبته على جسدي و صدري وليس لي أن أتحدى لأنني إمرأة!
يضحكني أولاد البلهاء الذين يضنون أن المرأة بحكم تربيتها وخلقها لا تنتقم ... وإن إنتقمت فلن يتعدى الأمر مشكلة بسيطة بين والدتك أو شقيقتك ... ربما هذا صحيح في الكثير من الحالات ... لكن حالتي ليست كباقي الحالات ... ألم تعرف إنني لست كباقي البنات عندما حاولت إستمالتي تسعة شهور دون فائدة؟ ألم تعرف إنني مختلفة عندما جعلتك تنسى ربك وتحلف بإسمي ليلة الزفاف؟
ألم تعرف إنني لست كغيرهن عندما أقسمت أنك لي طول العمر فقط لأعطيك شيئاً لا يرضاه أو يكرهه الشرع ... ولم أرضى ... وبست قدمي لأرضى ... ولم أرضى

نعم تألمت لخيانتك ... ونعم تألمت كونك فعلتها في فراشي وهو مكان مقدس لكل إمرأة لو كنت تعلم ... ونعم تألمت كون من كنت تخونني معها كانت صديقتي من بين كل الناس ... ولكن أتريد أن تعرف ما آلمني حقاً؟
ما آلمني حقاً هو إنك اخترت أن تستبدلني بها!! إيمان التي كنت تخور فوق ظهرها ويدك تحت بطنها تغوص في أعماق ذلك المكان وكأنما أنت وإمتدادك داخلها ليس بكاف لتمد أصابع العون والرحمة لتصل هي ... وليس أنت ... إلى نقطة الإنفجار. هل تعرف حقاً من هي تلك الإيمان؟ هي الفتاة التي أعطت العاهر والمومس لقب التلميذة ... هي التي لم يوقفها أحد عن الحصول على أي رجل ... أتعتقد أنك حصلت عليها كونك رجل بمعنى الكلمة؟ لا يا حبيبي ... هي مستعدة أن تنام معك ومع غيرك فقط لتثبت لنفسها أنه لا يوجد رجل يستحق في هذا الكون ... دعني أخمن ... بعد ذلك اليوم لم تستطع أن تحصل على موعد منها وإن حصلت فلم تحصل على مصة لسان أو لمسة نهد ... أليس كذلك! أرأيت كيف إنني أعرف كل شيئ ... ليس لأنني تآمرت عليك ولكن لأنني أعرف تلك الإيمان.

على فكرة إنني أعلم إنك حاولت أن ترمي شباك خيانتك حول نوال ... وكأنما لا يوجد غير صديقاتي ...لم تنجح لأنها أشرف من ذلك ... وأطهر منك ومن أهلك ... كم أنا غبية ... قالت لي نوال أن من يحاول بصديقة لن يتوقف عند واحدة ... وثقت بك و بهم ... اللعنة عليك و عليها

لهذا كنت متألمة لأنك إسترخصتني مع من هي أدنى مني ... ولهذا سوف أخبرك الآن بما لم تعلم عن إنتقامي ... لا أدري إذا كان من المفترض أن أقول إنتقام ... فعلى الرغم من كونه إبتدأ كإنتقام فقد تحول مع الوقت إلى شبق وشهوة ... و إدمان ... نعم إدمان ... أنا مدمنة وأنت السبب


أنتهى الجزء الأول

وصلت للكأس السابع وبدأت السطور تتداخل ... كأس نزار العاشر مازال بعيداً عني
قررت أخذ الكلب في نزهة فجرية، الساعة تشير الآن الي الثالثة صباحاً، لا أعتقد أنه كان قراراً حكيماً ... وماذا كنت اتوقع بعد السابع! كنا أنا والكلب كأعمى يقود مجنون أو العكس ... فبكلا الحالتين كنا نسير عكس السير وسط الطريق
I think it's time to hit the sack

الجمعة، أغسطس ٠٤، ٢٠٠٦

الجديد

فتحت عيني لأرى ما يدور حولي فقد غلبني النعاس وأغمضت عيني لفترة قصيرة كأنها لحظات ... بل هي لحظات قصيرة جداً والدليل أني مازلت تعبان ونعسان وأتوق إلى المزيد من الراحة ... من هذا الذي بجانبي ... إنه توأمي الذي لسبب ما لا أعتقد إنه أخي على الرغم من التشابه الكبير بالشكل بيننا إلا أننا نختلف في طباعنا إختلافاً شديداً ... فأنا دائما ما أحسست أني أتحمل المسؤولية أكثر منه فهو لا يبالي بشيئ ... ولا أحد ... وها هو كعادته كل يوم يلف حوله أصحابه ولا هم لهم إلا الحديث والضحك بصوت مرتفع ... إنهم يتعمدون إغضابي فهم يعلمون مدى كرهي ومقتي لتلك التجمعات ... إلتفت إليه وقلت
ألم تشبع من الكلام مع أصحابك ... طوال اليوم وأنت لا عمل لك إلا التحدث والضحك واللعب ... ألا تعتقد أنك لم تعد بتلك السن التي تسمح بهذه الأعمال
نظر إلي بوجه تشع منه التجاعيد مبتسماً وقال
وهل هي مشكلتي أن أخي و توأمي يريد أن يعيش شيخوخة مبكرة ... أنظر ما يقوله عنك جميع أصحابنا ... حتى النساء والأطفال منهم لا يفهمون سبب وجومك وحزنك المتواصل ... إنك تبدو كئيباً ... ولكني تعودت على رؤيتك هكذا منذ أن خُلِقنا
لم يعجبني ما قاله بحقي طبعاً فلست بالكئيب ولا بالوجوم ولا أعتقد أني أعيش شيخوخة مبكرة ... كل ما هنالك أنني أزن تصرفاتي بسني فأفعل ما يليق به ... أردت أن القنه درساً أمام الجميع فكيف له أن يتحدث إلي بتلك الطريقة ... وإن أراد ذلك فهناك الأوقات التي نكون فيها بعيداً عن آذان المتطفلين من الأصحاب ... آه من هؤلاء الأصحاب ... ومن قال أنهم أصحاب بل هم مثلهم مثل الأقارب الذين لم تكن تعرفهم من قبل ... يزورونك لمرة واحدة ولا يغادرون منزلك !!! بل أنتم من أريد تلقينه درساً ياعديمي الأخلاق ... ألا يكفي أن أشكالكم غريبة
تكاد لا تعرف ذكركم من أنثاكم
يبدو أنني فكرت بالجملة الأخيرة بصوت مرتفع فقد رمقني الجميع بنظرة غاضبة أحسست منها أن قوة الشباب لابد أن تغلب حكمة الشيوخ ... أو الشيخ بتلك الحالة فانا وحدي هنا ... نظرت لأخي و شقيقي و عضيدي وجدته ينظر لي نظرة لا تقل غضباً عن الباقين ... ما العمل الآن ... هل سوف يضربني الجميع بما فيهم شقيقي ... وما السبيل لتدارك الموقف الآخذ بالتأزم ... لماذا لا أبتسم وأدعي أن ما قلته كان بداعي المزاح
أما قلت لكم أنكم سريعي الغضب و الزعل
قلتها و أنا أحاول إصطناع بسمة صفراء على ثغري علها تصلح الوضع ... لم يرد أو يبتسم أحد
أنظروا لوجوهكم بالمرآة فكلكم أصبحتم تحملون وجوهاً كئيبة ... تماماً مثلما أتهمتونني قبل قليل
مرت لحظة صمت نظروا فيها بعضهم لبعض ... وإنفجروا ضاحكين ... الجميع يضحك ويشير على أنني كدت أموت خوفاً منهم
نعم قلقت من ردت فعلكم ولكنني لم أخف منكم ... قلتها في محاولة يائسة لإرجاع بعض كرامتي
أجل أجل يا أخي هذا ما حصل بالضبط ... رد علي توأمي ... آه لكم وددت أن أسدد له لكمة قوية تزيد من تجاعيده الكثيرة
ومن هي تلك الوجوه الجديدة التي أراها معكم ... قلت محاولاً تغيير الموضوع
رد توأمي بسرعة : إنهم أصدقئنا الجدد ... لقد إنضموا لنادينا
بدأ أخي يثير غضبي ثانية فهو يعرف إنني أكره هذا المصطلح ... نادينا ... إقتربت منه حتى لاصقت إذنه بفمي وهمست
ألا تفكر ... كم من الأصحاب الجدد سوف ينظم إلينا ... قريباً سوف لن يكون هناك مكان لنا
لا تقلق يا شقيقي فالمكان كبير ويسعنا جميعاً دون مشاكل
لماذا كنت متوقعاً هذا الرد منه!! لا أدري ... لأنني تعودت على الامبالاة التي يعيشها ... قررت نصحه
أخي العزيز يجب أن تعي ما يدور حولك ... فالحياة صعبة ولا تزداد إلا صعوبة كل يوم ... وأنا وأنت كل يوم نكبر بالسن ولا نصغر ... فلنعير إهتمامنا لعيشتنا ... وأي عيشة نعيشها ... حياة ذل وشقاء ... لم أسمع يوماً كلمة إطراء في حقي ... علماً بأني لم أرفض العمل يوماً ... لم أمرض يوماً لدرجة تستدعي عمل أي شيئ حياله ... بل كنت دائماً أتطلع ليوم عمل جديد ... ولكنني أعرف نهايتي هنا ... سيأتي يوماً تلتفت فيه الأنظار للشباب فهم متطورون ومتقدمون وكأنما نرمز نحن لعصر ... الجاهلية و ... التخلف
بدا علي التأثر وأنا أصدح بخطبتي الجماهيرية اليومية والتي لم ينصت لها هذا اليوم سوى ... الحائط
وفجأة فُتح باب الغرفة الموصد ... خرج الرجل صاحب العمل ومعه زوجته ... إتجهوا نحو الجميع ... وقف بقربي ... وضع قدمه فيني ... ووضع قدمه الأخرى بالقادم الجديد ... وسأل زوجته
أيهما ألبس هذا اليوم
نظرت إلينا زوجته وأشارت إلى القادم الجديد ... صديق توأمي وشقيقي ... الفردة الأخرى من الحذاء ... وقالت وهي تشير لي
سوف أرمي هذا الحذاء العتيق بالقمامة فلن تحتاج إليه ولديك الحذاء الجديد

الأربعاء، أغسطس ٠٢، ٢٠٠٦

رحيق الزهور

لم أكن أبالغ حين قلت أن أوراقي مبعثره في أكثر من بلد
البارحه بين الكأس والكأس وبينما كنت أبحث عن شيئ من ذكرياتي وجدت أوراق قديمة كتبتها قبل فترة وحسبتها ضاعت مثل أكثر حياتي

وكما أقول دائماً ... أجزم انها سوف لن تعني شيئاً للجميع ما عدا اليسير منكم وربما هي



يا مجانين كفا صراخ !!! صرخ الممرض في مجموعة المرضى بالجناح العام في مستشفى الأمراض العقلية ... كان صراخه أقوى بكثير من صراخهم ولكن من يجرؤ على محاسبته فهو الآمر الناهي في ذلك الجناح ... إنه أمير المنطقة وملكها المتوج ... لا يمكن لأحد منهم أن يرد عليه فذلك يعني حرمانه من رحيق الزهور ... وهو الأسم الذي يطلقه على الحبات المهدئة التي أدمنها هؤلاء المرضى ولا يقدرون على النوم بدونها والتي يتحكم هو بتوزيعها عليهم بحكم طبيعة عمله ... وبدون علم الأطباء ... معظمهم على الأقل
في الزاوية جلس أحدهم ساكتاً لا يتحرك ولا يتكلم بل يراقب ما يجري حوله بعيون ذكية ونظرة ثاقبة ... نظر إليه الممرض وإبتسم من بعيد قائلاً "وأنت ألا تريد بعض رحيق الزهور" لم يرد عليه واكتفى بنظرة شامته فقط ... فهو لم يتعاطى تلك الحبوب من قبل ولا ينوي بل كان يرفضها رفضاً قاطعاً لعلمه أنه إذا أخذها سوف يدمنها ... وإن أدمنها فلن يغادر هذا المكان أبدا
ً
إقترب الممرض منه وأشار له برأسه أن يتبعه ... سار ورائه المريض دون أي ممانعه حتى وصلوا لمكتب الطبيب المناوب الذي كالعادة لم يكن موجوداً وبدأ الممرض الحديث
هل لا زلت تعتقد أنك شفيت وتستطيع العيش في الخارج؟
ولماذا لا تقول إني بدأت أنجح في إقناعكم بأني لم أكن مجنوناً أصلاً ... قالها بحده ... أنت بالذات تعرف القصة كاملة .. أنت أول من شاهدني يوم أدخلوني هنا رُغماً عني ... كل جريمتي أنني ورِثت أبي فكان نصيبي أن رماني عمي العزيز هنا ... مجنوناً رغم أنفي
صرخ الممرض قائلاً : كلكم عاقلين وأنا المجنون أليس كذلك! كان الممرض رغم ماقاله يعرف أن ما سمعه للتو هي الحقيقة ولكنه لم يكن ليجرؤ على عمل شيئ حيالها
ماذا تريد مني الآن .. لماذا أتيت بي هنا؟
لاشيئ ... فقط أردت أن نتسامر فأنت أعقلهم ولايوجد أحد أو عمل لأنجزه الليلة ... وجلس الإثنان يتسامران ... يسأل المريض عن الحياة خارج أسوار المستشفى ويرد عليه الممرض ... قال له من ضمن ماقال "إن الحياة بالخارج جميلة ومليئة بالغرائب لكنها مليئة بالمصاعب والمصائب" ... هز المريض رأسه موافقاً فهو ضحية واحدة من تلك المصائب
وسأل المريض "هل تعتقد بأني قادر على الحياة بالخارج ... خارج أسوار المستشفى أقصد فقد مضيت هنا أكثر من نصف عمري" ضحك الممرض من السؤال بصورة هستيرية مقززة وقال
إنك لمجنون حقا
ً
لم ينم المريض تلك الليلة فقد كان باله مشغولاً بشيئ واحد فقط وهو كيف يمكنه الخروج من هنا دون أن يحس به أحد ... فقد سأم المكان .. فالجميع مجانين المرضي منهم والأطباء اللذين يتصرفون أغرب التصرفات ... ولربما صدق المثل القائل بمن عاشر الناس أربعين يوماً أضحى منهم وهؤلاء وبلاشك أمضوا أياماً وشهوراً طويلة تفوق الأربعين يوماً بالكثير
هداه فكره لرشوة أحد العاملين على النظافة في الجناح ليزوده ببعض الملابس العادية وقت إنتهاء الزيارة الأسبوعية خاصة وأن لا أحد يزوره من عائلته إلا سائق والده العجوز بين الحين والآخر ... الذي لربما يزوره وفاءً لذكرى والده أو إحساساً بالذنب لما يحصل لهذا الولد ... وقرر البدء بالتنفيذ من اليوم التالي
وماهي إلا أيام حتى أصبح كل شيئ جاهز للتنفيذ ولم يتبقى غير موعد الزيارة ... الأيام تمر بتثاقل عجيب حتى الدقائق تمر وكأنها أيام ... زاد إنطوائه على نفسه فلم يعد يكلم أحداً بتاتاً وأصبح كل همه مراجعة الخطة والتفكير في ما سيفعله بالخارج وماذا سيقول في أحاديثه للعامة الأصحاء مثله! وأخيراً جاء يوم الزيارة ... ولأول مرة يتمنى ألا يكون قد زاره أحد وكان له ما تمنى ... أرتدى ملابس الهروب تحت ملابس المصح وجلس بهدوء ينتظر ساعة الصفر
أعلن موظفوا الإستقبال إنتهاء موعد الزيارة فوثب من مكانه وإتجه بسرعة لدورة المياه ... نزع عنه ثياب المجانين وألقاها على الأرض ولم ينسى أن يدوسها بقدميه ... ولا بأس من بصقة سريعه عليها! خرج من دورة المياه وعينيه تنظر للأرض خوفاً من أن يتعرف عليه أحد من العاملين ... مشى بهدوء نحو البوابة ... لم يوقفه أحد ... أقترب منها ولم تبقى إلا بضع خطوات على الحرية ... للأبد ... وفجأه جاءه صوت من خلفه
قف ... قف لو سمحت ... فكر في أن يطلق ساقيه للريح لكنه لم يفعل ربما الخوف الذي جعل قدماه تتسمران في مكانهما ... وإلتفت نحو الصوت ليجد شخص لم يكن قد رآه من قبل وأكمل الصوت قائلاً
لقد سقطت منك المحفظة يا أستاذ
تناول المحفظة ولم يشكره بكلمة لأنه لم يقوى على الحديث فعقله ليس معه بل سبقه تلك الخطوات التي تفصله عن الحرية ... إلتفت نحو البوابة وسار تلك الخطوات بسرعة وخرج منها ... لاحت منه إلتفاته نحو المصح وقال مع إبتسامه ... ولو بعد حين!! مشى بضع خطوات حتى توارى عن الناس وفعل شيئاً لطالما اقسم لنفسه أن يفعله عندما يخرج من هذا المكان ... رمى بنفسه على الأرض وبدأ يقبل ترابها ... دمعت عيناه ... ضحك ضحكة عالية اختلطت فيها الدموع بالضحكات وخلقت مزيجاً مجنوناً لا يفهمه إلا من كان مجنوناً ... وما أقل المجانين حولنا
أين أذهب ... شرع يحدث نفسه ... إلى البحر ... بل البر ... لا لا حديقة الحيوان ... بل حديقه كبير بلا أسوار أو حراس ... أريد أن أرى بشراً لا يصنفوني بلقب مجنون أو مريض أمراض عقلية كما يحب أن يناديني المثقفين منهم دون أن تسبب لهم الكلمة أي إحراج ... لا يجب أن أذهب لعمي أولاً قبل كل شيئ فلابد أنه يريد يقدم لي الإعتذار عما فعله بي طوال تلك السنين ... ولكن كيف الوصول لكل ذلك ولا أرى أمامي إلا شوارع خالية من البشر ... هل مستشفى المجانين خطر على صحة البشر ليضعوه في آخر الدنيا ... يبدو أن الجنون أصبح كالجذام مرض معدي
وفي إثناء ذلك لمح عربة نقل قادمة من بعيد تجاه حيث كان ... وقف قريباً من الطريق وأشار لمن فيها الذي توقف وفتح نافذته سائلاً
إلى أين
إلى المدينه إذا سمحت
تفضل بالركوب فالمدينة في طريقي
ركب المركبة بعد أن شكر لقائدها لطفه وكرمه بيد أن الرجل كان يبتسم إبتسامه فيها من الخبث وهو يهرش شعره الأشعث ... إستمر الرجل في القيادة لفترة طويلة دون أن ينبس ببنت شفة وكان المريض فيها يتضور جوعاً لكلمة منه ... كان يريد أن يسأله عن المدينة وعن أهلها وأين يذهب و و... ولكن خاف أن يكشف أمره بأسئلته ... وفجأه سأله الغريب
كم عندك من النقود يا هذا
لماذا تريد أن تعرف
لأني سوف آخذها منك يا حمار ... أو حسبت أني سوف آخذك ايما شئت دون مقابل ... لابد أنك تحلم
ولكن لماذا تريد أخذ نقودي
اووووف ... أنت مجنون أم ماذا
كاد المريض أن يقفز من مكانه ... هل تراه عرف حقيقته ... ما لم يكن يعرفه أن ما قيل له لم يكن إلا كلام إستهزاء يتفوه به الناس ليسبوا بعضهم بعضاً بنعتهم بما هو يعاني منه
رفض أن يتنازل عن نقوده ... أوقف الرجل المركبة ونزل منها متجهاً ناحيته ... فتح الباب وسحبه خارجها من ثيابه وبدأ يكيل له اللكمات .. لم يعرف كيف يدافع عن نفسه ... أو حتى لماذا يضربه الرجل الغريب ... كان يصرخ من الألم والرجل لا يريد التوقف عن الضرب وكأنه يريد إفراغ همومه بأحد ... حتى تعبت يداه من اللكمات وقدماه من الركلات ... حينها توقف ورحل ولكن ليس قبل أن يسلب النقود كلها ورما محفظته على وجهه الملطخ بالدماء ومضى

أستجمع قاه الخائرة وبدأ يمشي لا يدري إلا أين ... نزلت دمعة على خده لم يعرف كيف يمسحها ... إقترب من حافة المدينة وبدأت أنوارها تقترب وتخفف من آلامه .. تعبت قدماه من المشي ... جلس قليلاً ليرتاح ... أحس بالجوع لكنه لا يملك أي نقود ليشتري بها شيئاً ... تذكر كيف كانوا يطعمونه كل يوم باوقات محدده ... الآن بالتحديد ... مر بجانب بعض الغرباء فطلب منهم أن يساعدوه بقليل من المال صاحوا عليه بأن يجد لنفسه عمل شريف بدلاً من إمتهان الشحاذه سبيلاً للعيش ... لم يكن يفهم تعلق الناس بالمال ... كأن المال هم من يملكهم ولا يملكونه !! لربما فكر بما فعل به عمه من أجل المال
ومضى هكذا حتى ساعة متأخرة من الليل كلما حاول التحدث مع أحد تلقى تلك النظرة ... نظرة الإمتهان دون أن يتعنى أحد عناء الرد ... أطرق يفكر ... مابال هؤلاء الناس ... أهذا ما هربت من أجله
ظل يمشي حتى وصل منزل عمه الذي مازال يعيش بنفس العنوان ذاته القديم ... طرق الباب ... مضى بعض الوقت قبل أن تضاء الأنوار من الداخل وصوتاً يعرفه حق المعرفة يسأل عن الطارق في تلك الساعة من الليل
أنه أنا يا عمي ... مسعود
فُتح الباب و أطل عمه وكأنه يرى شيطاناً وقال
ماذا تفعل هنا ؟ وكيف خرجت من المستشفي ؟ ومن أخرجك ؟ ومن فعل بك هكذا؟ وتوالت الأسئلة
ألن تدعوني للدخول يا عمي أولاً
لا الوقت متأخر والجميع نيام
إذن أعطني بعض مالي ودعني أمضي بحال سبيلي فأنا جائع
مالك ! أي مال تتحدث عنه يامجنون ... ليس لك عندي شيئ
لماذا يا عمي
لا تناديني عمك إغرب عن وجهي وإلا أبلغت الشرطة
مشى بعيداً ولا يدري أن تقوداه قدماه ... وكلما مر ناحية مراهقين لم يخلو الأمر من تلقيه السخرية أو حتى الضرب من بعيد بشيئ طائر مع الكثير من الضحك
تذكر سائق والده العجوز ... تناول رقم هاتفه من المحفظة الملطخة بالدماء ودخل أحد المتاجر سائلاً العامل إن كان بإمكانه إجراء مكالمة هاتفية قصيرة ... رمقه الرجل بنظرة إشمئزاز وهو يهز رأسه بالإيجاب ... تناول الهاتف وفي الطرف الآخر جاء صوت الرجل العجوز
من المتكلم
أنا مسعود يا عمي وانا بحاجة إليك تعال لي الآن
مسعود! وأين أنت الآن؟ أولست في المصح
لا يا عمي لست هناك أرجوك تعال وخذني
حسناً حسناً قل لي أين أنت
إلتفت مسعود إلى عامل المتجرقائلاً: أين أنا الآن يا سيدي
تناول الرجل سماعة الهاتف وبكلمات سريعة وصف العنوان للسائق ... أنتظر مسعود بالخارج لفتره ليست بالقصيرة قبل أن يصل العجوز ... فتح الباب بسرعة ورمى نفسه داخل السيارة وقال
إلى المستشفى أرجوك بسرعة لو سمحت
ماذا حدث لك وكيف خرجت منها
لا يهم لماذا وكيف الآن ... المهم أنني أعتقدت أنني كنت مع المجانين وأردت الخروج والعيش مع العاقلين فوجدت أن المجانين بالخارج والعقال يعيشون بالداخل
هز العجوز رأسه وكأنه يوافقه الرأي ومضى في طريقه خارج المدينة نحو المستشفى
وصل مسعود المستشفى ... نزل من سيارة العجوز مسرعاً دون أن يشكره فلم يستطع الإنتظار أكثر من ذلك ... دخل عبر البوابة ... وقف موظفوا الإستقبال ينظرون إليه بإستغراب فقد توقع معظمهم ألا يروه ثانية وإنه خرج بلا عوده ... لم يلتفت لأحد منهم ... مشى بخطى ثابته حتى وصل لمكتب الممرض ... دخل المكتب نظر إليه وقال
لو سمحت أنا بحاجة لرحيق الزهور
أنت يا مسعود
أرجوك لا تجعل الأمر أصعب عليّ أكثر مما هو ... أعطني مرادي لو سمحت
أخذ الحبات المهدئة رغم علمه بمفعولها ... تناولها وذهب لفراشه ... إستلقى ... أغمض عينيه وعلت وجهه إبتسامة طمأنينة ... وقال لنفسه بصوت خافت
لم أكن الوحيد العاقل هنا ... بل الوحيد المجنون ... والآن سأكون منكم